16 - 08 - 2024

مؤشرات | البنك المركزي والحاجة لرؤية جديدة

مؤشرات | البنك المركزي والحاجة لرؤية جديدة

التغييرات الأخيرة على مستوى قيادة البنك المركزي، تؤكد الحاجة إلى رؤية جديدة لإدارة القطاع المالي في البلاد ، خصوصا مع ارتفاع معدلات التضخم، والتقلبات في أسعار الجنيه أمام العملات الأجنبية خصوصا الدولار.

ولا يمكن أن نقول إن التغيير في الأشخاص هو الحل، بل الأهم التغيير في مفاهيم إدارة واحد من أهم المؤسسات ليس المالية فقط، بل الإقتصادية، نظرا لأهمية دوره في صياغة السياسة النقدية، وتحديد أدواتها التي يمكن استخدامها وإجراءات تنفيذها، والمحافظة على استقرار الجنيه المصري، والذي يمر بمرحلة تحتاج إلى ضبط، بخلاف الأهمية القصوى لإدارة احتياطي الدولة من الذهب والعملات الحرة، والأهم إدارة ديون الحكومة.

والقلق يزداد في الفترة الأخيرة بشأن ما يتعلق بمهام البنك المركزي في قضية الحفاظ على سلامه النظام المصرفي، فالقانون المنظم لنشاطه يؤكد على دوره فيضبط  الحدود القصوى للمديونية للخارج والضمانات المقدمة عن تمويل يؤدى الى الخارج، والحدود القصوى للقيمة التسليفية للضمانات المقدمة مقابل التمويل والتسهيلات الائتمانية ، وتحديد آجال الاستحقاق، وتحديد نسبة السيولة ونسبة الاحتياطي، إلى جانب الحدود القصوى لاستثمارات البنك في الأوراق المالية وفى التمويل العقاري والائتمان لأغراض استهلاكية.

المسألة الرئيسية في أدوار البنك المركزي هو سرعة التدخل في الأزمات، وفي الوقت المناسب، هو السؤال الذي يرى البعض أنه شهد تقصيرا في بعض الأوقات، بما في ذلك ما يتعلق بالعملية الرقابية لدى قطاع الرقابة والإشراف إلى  التعرف أولاً بأول وبصفه مستمرة على أوضاع البنوك التي تخضع لرقابته وتطوير نظام إنذار مبكر يسمح للبنك المركزي باتخاذ أساليب استباقيه للتحقق من أمان وسلامه الجهاز المصرفي.

 ويطرح العديد من المتخصصين تساؤلات حول كل ما يتعلق بتفعيل دور البنك المركزي بشأن إدارة تحركات أسعار الصرف اتساقا مع محتوى كل هدف من الأهداف ذات العلاقة بالسياسة الاقتصادية للدولة، باستخدام جميع أدوات السياسة النقدية دون تقزيمها في قضية سعر الصرف، فأهداف سياسات البنك المركزي أكبر بكثير، حيث محورها الرئيس هو توفير سبل حماية الاقتصاد القومي، من خلال استراتيجية مهمتها ذلك ، ومواجهة أية أزمات قد تؤدي إلى سلبيات، خصوصا في الأوقات التي تشهد اضطرابات مالية، واقتصادية على المستوى المحلي، وانعكاسا لسياسات لأزمات عالمية، واقليمية.

حتما هناك جهود من الدولة في هذا الملف المهم، ولا يمكن إنكارها، إلا أننا ننتظر من إدارة البنك المركزي الجديدة، ومجموعة المستشارين الذين اختارهم المحافظ الجديد لمعاونته وضع رؤية جديدة للتعامل مع أخطر مرحلة تمر بها مصر على المستوى الإقتصادي، بفعل التداعيات العالمية، والأزمات الناجمة عن حرب روسيا واوكرانيا، وذيول التداعيات عن جائجة كورونا، وموجة الجفاف التي تجتاح العالم حاليا، وستظهر تأثيرتها لاحقا.

الفترة المقبلة تحتاج لتعاون أكبر بين البنك المركزي والحكومة، حتى نرى تطورات على الأرض، ... بدلا من نبرة الخلاف في الرؤي التي كانت تظهر من وقت إلى آخر في آخر عامين،.. خصوصا بين اثنين ممن رحلوا في التغييرات الأخيرة.
------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تعليم